في مقالتي هذه استعرض بعضا من العناوين الخاصّة بالعرب والتاريخ العربي، بدءا بتصنيفهم إلى مقتطفاتٍ منْ تاريخهم المعاصر، وقد حاولت أن اختصر بشدّة لتجنَب الملل آملاً أن ينال القارِىء الفائدة المرجوّة، قراءة ممتعة...
تصنيف العرب
:
على مر التاريخ صنف
العلماء العربَ اعتمادا على عدّة معايير، معظم علماء الأنساب صنفوا العرب إلى
قسمين :
1- العرب البائدة : ويعنون بالعرب البائدة أي القبائل العربيّة القديمة التي كانت تعيش في شبه
الجزيرة العربية ثم بادت قبل ظهور الدين الإسلامي على يد النبي محمد ( صلى الله
عليه وسلم )، ويطلق عليهم أيضاً اسم العاربة أي بمعنى الرساخة في العروبية أو
المبتدعة لها لأن العرب البائدة كانوا أول من تكلم باللغة العربيّة، ويرجع نسبهم
إلى سام بن نوح (قبائل سامية)، ومن الأمثلة على قبائل العرب البائدة : قوم عاد
وثمود، وقد نشأت هذه القبائل في جنوب شبه الجزيرة العربية وتحديدا في مناطق اليمن
وهي سبأ وحمير وحضرموت.
2- العرب الباقية :
أ- العرب المستعربة :
وهم الذين أخذوا العربيّة عن العرب البائدة، وكانوا يقيمون في شمال الجزيرة
العربية والحجاز ونجد، وعندما نزلوا إلى الجنوب واختلطوا بالعرب البائدة تعرّب
لسانهم فصاروا يتكلّمون العربية، وهؤلاء يعتبرون العرب الباقين الذي يشكلون جمهرة
العرب بعد هلاك الطبقة الأولى ( العرب البائدة )، وقد كتب لهذه الفئة البقاء ( عرب
باقية ) وينتمي لهم كل العرب الصرحاء عند ظهور الدين الإسلامي على يد النبي محمد (
صلى الله عليه وسلم )، ومن الأمثلة على قبائل العرب المستعربة قبيلتي الأوس
والخزرج وهم أيضا قبائل سامية ( تنسب إلى سام بن نوح ).
ب- العرب المستعجمة :
وهم الذين دخلوا في نفوذ الدّولة الإسلامية التي كانت لغتها الأساسية والرسميّة هي
لغة الدين الإسلامي ( اللغة العربيّة ).
لماذا سمّي العربي..
عربيا ؟
يوجد أكثر من سبب لتسمية
العرب بالعرب، أهمها السببين التاليين :
- من ناحية علم
النسب، يتفق معظم العلماء على أن العربيّة منسوبة إلى يعرب بن قحطان، وهي مشتقة من
اسمه، فهو أول من تكلم باللغة العربية وقد تعلمها منه أبناء عمومته وإخوته وأقاموا
في اليمن ( عرب بادئة )
- من ناحية لغوية، فإن كلمة عرب مشتقة من الفعل " يعرب " أي يفصح في الحديث، وأصبحت تدل
على العرب لفصاحتهم في اللسان فيقال رجل عربي أي رجل فصيح.
متى ظهرت كلمة "
عربي " ؟
أول ظهور لهذه الكلمة
كان في معركة قرقور ( أو معركة قرقر أو معركة كركر ) وقرقور هي قرية سورية في محافظة حماة (
القرية شبه مدمرة حاليا بسبب الأزمة السورية الحديثة ).
قرية قرقور بعد الأزمة السورية، القرية حاليا شبه مدمرة وحدثت على أرضها العديد من المعارك وتم ضربها بالقذائف وتدمير المباني والبنية التحتية وغير صالحة للسكن. |
دارت معركة قرقور في 853 ق.م. بين كل من الجيش الآشوري بقيادة الملك شلمنصر الثالث من ناحية، والملك آحاب ملك إسرائيل ( المقصود باسرائيل هنا مملكة اسرائيل الشمالية ) وتحالف مع الملك آحاب جيوش 11 ملك وكلها كانت تحت قيادة حدادزير الدمشقي ( المعروف باسم ابن حداد ) أي أن المعركة كانت بين جيش الملك شلمنصر الثالث من جهة، وجيوش 12 ملك من جهة أخرى.
هل تعلم أن معركة قرقور تعتبر أضخم وأعنف معركة حدثت في تاريخ الشّرق الأوسط ؟ |
سجّل الملك الآشوري شلمنصر الثالث أحداث المعركة ووصفها على أحد الألواح الأشورية التي أقامها، وفي وصفه ذكر كلمة عرب، لم يؤخذ بما كُتب باللوحة من أحداث المعركة بسبب أن الملوك في ذلك الوقت اعتادت على عدم الاعتراف بالهزائم ونسبوا لأنفسهم انتصارات كان قد نالها أسلافهم.
تاريخ العرب :
كثيرة هي الكتب التي وصفت التاريخ العربي سواء التاريخ القديم ( في الجاهلية قبل الإسلام ) أو ما بعد ظهور الإسلام إلى يومنا هذا، حيث وصفته من كل النواحي السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية ..الخ، لوصف التاريخ العربي بدون اختصار نحتاج إلى مجلدات كبيرة، فتاريخهم مليء بالإنجازات الحافلة والتغيرات المثيرة لا سيما التغير الذي أولده النبي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) في تحويلهم من عبادة الأصنام إلى عبادة الله وحده عزّ وجلّ، آمل من القرّاء أن يقرأوا بعضا من الكتب التي تصف التاريخ العربي المجيد.
وحدة العرب :
غلاف كتاب " الخالدون المئة " للمؤلف والمؤرخ مايكل هارت |
بعد مرور سنوات على وفاة النبيّ محمد ( صلّى الله عليه وسلم ) وتحديدا بعد انتهاء سنوات الخلافة الراشدة ( 29 سنة ونصف السنة ) بدأ العرب تدريجيا يتركون وصايا النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لهم وبدأوا يدخلون في جاهلية جديدة وعاد النزاع على الدنيا والجاه والإمارة والزعامة من جديد وعاد معه التعصب القبلي والنزاع فوقعت العديد من المعارك التي راح ضحيتها الآلاف والآلاف، هذه المعارك التي شوّهت التاريخ العربي، وبيومنا هذا عاد العرب كما كانوا في الجاهلية مقسمين لكن هذه المرة ليس إلى قبائل بل إلى دول وممالك وسلطنات وجمهوريات، ومن الجدير ذكره أنه في التاريخ المعاصر حاول كثير من القادة العرب توحيد العرب مرّة أخرى متبنين عدّة أيديلوجيات لكنّها كلها باءت بالفشل، والعرب كل يوم من نزاع إلى نزاع يعزز الفرقة بينهم.
تقسيمات الوطن العربي المعاصرة |
العرب في التاريخ المعاصر من وجهة نظر يابانيّة :
الكاتب نوبواكي نوتوهارا |
في كتابه، استطاع نوبواكي أن يبرز العديد من الحقائق والكثير من الانطباعات التي تلخص كثيرا عن الواقع العربي الحديث المؤلم، إليكم بعضاً من اقتباسات هذا الكتاب :
-" العرب متدينون جدا، وفاسدون جدا."
-" الدين أهم ما يتم تعليمه، لكنه لم يمنع الفساد وتدني قيمة الاحترام."
-" مشكلة العرب أنهم يعتقدون أن الدين أعطاهم كل العلم! عرفت شخصا لمدة عشرين عاما، ولم يكن يقرأ الا القرآن. بقي هو ذاته، ولم يتغير."
غلاف كتاب " العرب- وجهة نظر يابانيّة " |
-" لكي نفهم سلوك الانسان العربي العادي، علينا أن ننتبه دوما لمفهومي الحلال والحرام."
سؤال : لماذا العرب متخلفون علميّاً في التاريخ المعاصر ؟
لا شكّ أن العلماء العرب قد شاركوا في وضع اللمسات الأولى للعديد من العلوم لاسيما علوم الرياضيات والفيزياء والفلك والكيمياء والطب، بيوم من الأيام كان العرب في قمّة التقدّم العلمي، وكان العالم منهم لا يكتفي بالتخصص في مجال واحد بل كان العالم العربي يتخصص ويكتشف ويتدارس عدّة علوم، فعلى سبيل المثال العالم العربي ابن الشاطر، كان عالما في الفيزياء والفلك والرياضات !، اذاً، هذا يدفعنا لطرح السؤال التالي : لماذا العرب متخلفون علميّاً في أيامنا المعاصرة ؟ هل جودة العقل العربي رديئة ولا تواكب التطور العلمي الحاصل ؟
سؤال فرعي زائد : هل يستطيع العالم اليوم أن يتخصص في أكثر من تخصص ؟
العلوم في السابق كانت علوماً سطحية عير عميقة، فالعالم اذا ما أراد أن يتخصص بتخصص الفيزياء مثلا كان يمضي سنة أو سنتان على الأكثر حتى يتدارس ما وصل له العلم في الفيزياء، ومن ثم يبدأ مرحلة الإضافة والتطوير والاكتشاف، أما اليوم، فالعلوم عميقة جدا فنفس الشخص لو أراد أن يصبح عالما متخصصا في الفيزياء فإنه يمضي عقوداً من عمره حتى يصل إلى ما وصل إليه العلم في الفيزياء، لذلك نلاحظ أن أعمار معظم المكتشفين والمطورين للعلوم والفائزين بجائزة نوبل يترواح بين 40-60 سنة، لذلك فإنه من الصعوبة أن تجد عالما في وقتنا المعاصر متخصصاً في أكثر من علم بنفس الوقت.
قرأت قبل عدة أيامٍ مقالاً طويلاً مفاده أن التقدّم العلميّ بأي بلدٍ مرهون بالتقدّم السياسيّ فيه، وبما أنّ الدّول العربيّة دولٌ متخلفة جدا من الناحية الساسية، فإنه ومن الطبيعي طبقا لهذه الدّراسة أن تكون متخلفة علمياً، هذا بالإضافة إلى السوء الكبير في استغلال الموارد في الدول العربية، والسوء الكبير في تنظيم الوقت والإعلام الضائع، فالشاب العربي يجد عدداً هائلا من القنوات التي تعرض المسلسلات والأغاني والرقص وعددا هائلا أيضا من القنوات الدينية أما القنوات التي تعرض الأمور العلمية فهي معدودة على الأصابع ! شخصيّاً منذ صغري لم أعرف سوى 3 قنوات علميّة، الجزيرة الوثائقيّة و اقرأ، وناشيونال جيوجرافيك أبو ظبي، علما أن الثالثة هي قناة أجنبية غير عربية تم ترجمتها.
حقائق وأرقام :
الأرقام التالية من تقرير منظمة اليونسكو الصادر في عام 2010 :
- الإنفاق العربي على البحث العلمي يتراوح مابين 0,1 % إلى 1 % من الناتج المحلي الإجمالي وفقاً لتقرير اليونيسكو للعلوم الصادر فى العام 2010 .
- الإنفاق المحلي لكيان الإحتلال الاسرائيلي فى البحث والتطوير العلمي للعام 2006 يتراوح مابين 4,6 % إلى 4,8 % ..
- فى العام 2006 ( كمثال ) ، لم تنتج الدول العربية إلا 0,1 % من العدد الإجمالي لبراءات الاختراع المسجلة عالمياً.
- الدول العربية لاتخرج سوى 373 باحثاً لكل مليون نسمة، علماً بأن العدد المتوسط على المستوى العالمي يبلغ 1081 باحثاً لكل مليون نسمة.
- عالم واحد فقط من أصل أفضل 100 عالِم من حيث عدد المُساهمات العلمية على المستوى العالمي ينتمي إلى المنطقة العربية.
- المنطقة لم تخرج سوى شخص واحد حائز على جائزة نوبل في مجال العلوم هو العالِم المصري الأصل الأمريكي الجنسية أحمد زويل الذي نال جائزة نوبل للكيمياء عام 1999.
- في مجال الاختراعات فإن البراءات المسجلة عالمياً في أكبر دول عربية من حيث تعداد السكان ( مصر ) لم تزد عن (77) براءة اختراع خلال الفترة 1980- 2000 م ، في حين بلغت في كوريا (16328) اختراعاً للفترة ذاتها.. كما ورد فى تقرير الامم المتحدة للتنمية البشرية العربية الصادر فى العام 2002 / 2003.
إن هذه الحقائق والأرقام الرسميّة تكفي لأن تبين المكانة العلميّة المتخلّفة للعرب في العالم.
العرب يمرضون ولا يموتون :
العرب متخلّفون من الناحية السياسيّة ومن الناحية العلميّة لكن ذلك لا يعني غياب أثرهم في هذه المجالات في العالم، إن جودة الجسم والعقل العربي عالية جدّا وما ينقصها لكي تبرز نفسها قليل من الثقة التي يسعى أعداء العرب إلى زعزعتها في النفس العربية.
من الناحية العلميّة :
في عنوان " حقائق وأرقام " لا شك أنكم قرأتم الإحصائية التالية "عالم واحد فقط من أصل أفضل 100 عالِم من حيث عدد المُساهمات العلمية على المستوى العالمي ينتمي إلى المنطقة العربية " سأعقب على هذه الإحصائية، هذه الإحصائية كما ذكرت صدرت في تقرير منظمة اليونسكو عام 2010 ، وكما هو مكتوب فإن 1 من كل 100 عالم ينتمي إلى المنطقة العربية من حيث عدد المساهمات العلمية، ينتمي إلى المنطقة العربية أي بمعنى أنه يحمل الجنسية العربية، لذلك فالنسبة قليلة ( 1 من كل 100 ) لكن لو عدلت الإحصائية وشملت العلماء الذين لهم أصول عربية من دون جنسية بالتأكيد سترتفع النسبة بشكل ملحوظ، هناك عدد كبير من العلماء العالميين لا يحملون جنسية عربية لكن لهم أصول عربية، ويصنفون من أفضل العلماء في العالم.
من الناحية الرياضيّة :
كمتابع لدوريات كرة القدم الأوروبية فإنني سأكتفي بالحديث عن رياضة كرة القدم في أوروبا، في الحقيقة، كثيرٌ منّا نحن العرب يتابع دوريات كرة القدم الأوروبيّة، وعندما أتحدث عن دوريات كرة القدم الأوروبية فإنن أتحدّث عن أقوى وألمع الدوريات في العالم، حديثا بدأ العرب يضعون لمساتهم فيها، إن اللاعبين العرب بأجسامهم العربية استطاعوا أن يكونوا من أفضل اللاعبين في هذه الدوريات، فهذا اللاعب المصري محمد صلاح الذي يلعب مع نادي روما في الدوري الإيطالي حاليا استطاع أن يكون أفضل لاعب في روما في الموسم الحالي، والجزائري رياض محرز الذي يلعب مع نادي ليستر سيتي فاز بجائزة أفضل لاعب في الدوري الانجليزي أقوى دوري كرة قدم في العالم من حيث التنافسية وقاد فريقه إلى تتويج تاريخي باللقب، والمصري محمد النني منذ قدومه إلى نادي آرسنال الانجليزي في الانتقالات الشتوية الماضية فاز بجائزة أفضل لاعب للشهر مرتين متتاليتين، والجزائري الفرنسي زين الدين زيدان أصبح مدرّبا لأفضل فريق في القرن العشرين ألا وهو ريال مدريد، صرنا كثيرا ما نسمع عصام الشوّالي ورؤوف خليف وغيرهما من المعلقين العرب يهتفون بأسماء عربية ونحن نتابع الدوريات الأوروبية، وبالتأكيد هذه الأسماء هي فخر للعرب جميعا.
من الناحية الاقتصادية :
يحوي الوطن العربي ما نسبته 65.7% من الاحتياطي العالمي المؤكد من النفط الخام، وما نسبته 61.9% من احتياطي الغاز الطبيعي في العالم، دول أوروبا الغربيّة تستورد ما نسبته 88% من حاجتها من النفط من الوطن العربي، وتستورد الولايات المتّحدة الأمريكيّة ما نسبته 16% وأما اليابان فتستورد ما نسبته 40%.
بعيدا عن سوء استغلال عامل النفط من قبل الدول العربية، فإن موقع الوطن العربيّ المليء بالنفط جعله يكتسب قوة اقتصادية كبيرة يمكن استغلالها، وهو ما دفع مجلة فوربس إلى وضع العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود من ضمن قائمة أقوى الشخصيات نفوذا وتأثيرا في العالم لعام 2015 فبلاده " المملكة العربيّة السعوديّة " لوحدها تمتلك 23.3% من احتياطي النفط في العالم أجمع.
وفي النهاية، أختم مقالتي معبرا عن فخرى كوني إنسانا عربيا، مؤمنا أن التغيير نحو الأفضل لابد وأن يحصل في يوم من الأيام، وستعود للعرب مكانتهم على خارطة الدول القوية، سجّل أنا عربي . . ♥
لا شكّ أن العلماء العرب قد شاركوا في وضع اللمسات الأولى للعديد من العلوم لاسيما علوم الرياضيات والفيزياء والفلك والكيمياء والطب، بيوم من الأيام كان العرب في قمّة التقدّم العلمي، وكان العالم منهم لا يكتفي بالتخصص في مجال واحد بل كان العالم العربي يتخصص ويكتشف ويتدارس عدّة علوم، فعلى سبيل المثال العالم العربي ابن الشاطر، كان عالما في الفيزياء والفلك والرياضات !، اذاً، هذا يدفعنا لطرح السؤال التالي : لماذا العرب متخلفون علميّاً في أيامنا المعاصرة ؟ هل جودة العقل العربي رديئة ولا تواكب التطور العلمي الحاصل ؟
سؤال فرعي زائد : هل يستطيع العالم اليوم أن يتخصص في أكثر من تخصص ؟
العلوم في السابق كانت علوماً سطحية عير عميقة، فالعالم اذا ما أراد أن يتخصص بتخصص الفيزياء مثلا كان يمضي سنة أو سنتان على الأكثر حتى يتدارس ما وصل له العلم في الفيزياء، ومن ثم يبدأ مرحلة الإضافة والتطوير والاكتشاف، أما اليوم، فالعلوم عميقة جدا فنفس الشخص لو أراد أن يصبح عالما متخصصا في الفيزياء فإنه يمضي عقوداً من عمره حتى يصل إلى ما وصل إليه العلم في الفيزياء، لذلك نلاحظ أن أعمار معظم المكتشفين والمطورين للعلوم والفائزين بجائزة نوبل يترواح بين 40-60 سنة، لذلك فإنه من الصعوبة أن تجد عالما في وقتنا المعاصر متخصصاً في أكثر من علم بنفس الوقت.
قرأت قبل عدة أيامٍ مقالاً طويلاً مفاده أن التقدّم العلميّ بأي بلدٍ مرهون بالتقدّم السياسيّ فيه، وبما أنّ الدّول العربيّة دولٌ متخلفة جدا من الناحية الساسية، فإنه ومن الطبيعي طبقا لهذه الدّراسة أن تكون متخلفة علمياً، هذا بالإضافة إلى السوء الكبير في استغلال الموارد في الدول العربية، والسوء الكبير في تنظيم الوقت والإعلام الضائع، فالشاب العربي يجد عدداً هائلا من القنوات التي تعرض المسلسلات والأغاني والرقص وعددا هائلا أيضا من القنوات الدينية أما القنوات التي تعرض الأمور العلمية فهي معدودة على الأصابع ! شخصيّاً منذ صغري لم أعرف سوى 3 قنوات علميّة، الجزيرة الوثائقيّة و اقرأ، وناشيونال جيوجرافيك أبو ظبي، علما أن الثالثة هي قناة أجنبية غير عربية تم ترجمتها.
حقائق وأرقام :
الأرقام التالية من تقرير منظمة اليونسكو الصادر في عام 2010 :
- الإنفاق العربي على البحث العلمي يتراوح مابين 0,1 % إلى 1 % من الناتج المحلي الإجمالي وفقاً لتقرير اليونيسكو للعلوم الصادر فى العام 2010 .
- الإنفاق المحلي لكيان الإحتلال الاسرائيلي فى البحث والتطوير العلمي للعام 2006 يتراوح مابين 4,6 % إلى 4,8 % ..
- فى العام 2006 ( كمثال ) ، لم تنتج الدول العربية إلا 0,1 % من العدد الإجمالي لبراءات الاختراع المسجلة عالمياً.
- الدول العربية لاتخرج سوى 373 باحثاً لكل مليون نسمة، علماً بأن العدد المتوسط على المستوى العالمي يبلغ 1081 باحثاً لكل مليون نسمة.
- عالم واحد فقط من أصل أفضل 100 عالِم من حيث عدد المُساهمات العلمية على المستوى العالمي ينتمي إلى المنطقة العربية.
- المنطقة لم تخرج سوى شخص واحد حائز على جائزة نوبل في مجال العلوم هو العالِم المصري الأصل الأمريكي الجنسية أحمد زويل الذي نال جائزة نوبل للكيمياء عام 1999.
- في مجال الاختراعات فإن البراءات المسجلة عالمياً في أكبر دول عربية من حيث تعداد السكان ( مصر ) لم تزد عن (77) براءة اختراع خلال الفترة 1980- 2000 م ، في حين بلغت في كوريا (16328) اختراعاً للفترة ذاتها.. كما ورد فى تقرير الامم المتحدة للتنمية البشرية العربية الصادر فى العام 2002 / 2003.
إن هذه الحقائق والأرقام الرسميّة تكفي لأن تبين المكانة العلميّة المتخلّفة للعرب في العالم.
العرب يمرضون ولا يموتون :
العرب متخلّفون من الناحية السياسيّة ومن الناحية العلميّة لكن ذلك لا يعني غياب أثرهم في هذه المجالات في العالم، إن جودة الجسم والعقل العربي عالية جدّا وما ينقصها لكي تبرز نفسها قليل من الثقة التي يسعى أعداء العرب إلى زعزعتها في النفس العربية.
من الناحية العلميّة :
في عنوان " حقائق وأرقام " لا شك أنكم قرأتم الإحصائية التالية "عالم واحد فقط من أصل أفضل 100 عالِم من حيث عدد المُساهمات العلمية على المستوى العالمي ينتمي إلى المنطقة العربية " سأعقب على هذه الإحصائية، هذه الإحصائية كما ذكرت صدرت في تقرير منظمة اليونسكو عام 2010 ، وكما هو مكتوب فإن 1 من كل 100 عالم ينتمي إلى المنطقة العربية من حيث عدد المساهمات العلمية، ينتمي إلى المنطقة العربية أي بمعنى أنه يحمل الجنسية العربية، لذلك فالنسبة قليلة ( 1 من كل 100 ) لكن لو عدلت الإحصائية وشملت العلماء الذين لهم أصول عربية من دون جنسية بالتأكيد سترتفع النسبة بشكل ملحوظ، هناك عدد كبير من العلماء العالميين لا يحملون جنسية عربية لكن لهم أصول عربية، ويصنفون من أفضل العلماء في العالم.
الطبيب البريطاني بيتر مدور الحاصل على جائزة نوبل في الطب لعام 1960م، أبوه لبناني وأمه برازيلية، لا يمتلك جنسية عربية، لكن أصوله عربيّة لبنانيّة. |
العالم الأمريكي إلياس كوري، أول عالم من أصول عربيّة يفوز بجائزة نوبل في الكيمياء وكان ذلك عام 1990م، ووالده ووالدته مهاجران لبنانيان. |
العالم المصري أحمد زويل أول عالم يحمل جنسية عربية يفوز بجائزة نوبل للكيمياء عام 1999م، وهو العربي الوحيد الذي فاز بجائزة نوبل في مجال العلوم. |
من الناحية الرياضيّة :
صاحب الشعر الأسود ( في الخلف ) هو المصري محمد صلاح، صاحب الشعر البنّي ( في الأمام ) هو الإيطالي صاحب الأصول المصرية ( أبوه مصري ) ستيفان الشعراوي، هذه الصورة من تدريبات فريق روما. |
كمتابع لدوريات كرة القدم الأوروبية فإنني سأكتفي بالحديث عن رياضة كرة القدم في أوروبا، في الحقيقة، كثيرٌ منّا نحن العرب يتابع دوريات كرة القدم الأوروبيّة، وعندما أتحدث عن دوريات كرة القدم الأوروبية فإنن أتحدّث عن أقوى وألمع الدوريات في العالم، حديثا بدأ العرب يضعون لمساتهم فيها، إن اللاعبين العرب بأجسامهم العربية استطاعوا أن يكونوا من أفضل اللاعبين في هذه الدوريات، فهذا اللاعب المصري محمد صلاح الذي يلعب مع نادي روما في الدوري الإيطالي حاليا استطاع أن يكون أفضل لاعب في روما في الموسم الحالي، والجزائري رياض محرز الذي يلعب مع نادي ليستر سيتي فاز بجائزة أفضل لاعب في الدوري الانجليزي أقوى دوري كرة قدم في العالم من حيث التنافسية وقاد فريقه إلى تتويج تاريخي باللقب، والمصري محمد النني منذ قدومه إلى نادي آرسنال الانجليزي في الانتقالات الشتوية الماضية فاز بجائزة أفضل لاعب للشهر مرتين متتاليتين، والجزائري الفرنسي زين الدين زيدان أصبح مدرّبا لأفضل فريق في القرن العشرين ألا وهو ريال مدريد، صرنا كثيرا ما نسمع عصام الشوّالي ورؤوف خليف وغيرهما من المعلقين العرب يهتفون بأسماء عربية ونحن نتابع الدوريات الأوروبية، وبالتأكيد هذه الأسماء هي فخر للعرب جميعا.
الجزائري رياض محرز المتوّج بجائزة أفضل لاعب في الدوري الانجليزي مع ناديه " ليستر سيتي " |
من الناحية الاقتصادية :
سلمان بن عبد العزيز، ملك المملكة العربيّة السعوديّة، المرتبة 14 من حيث الشخصيات الأقوى تأثيرا ونفوذا في العالم حسب مجلة فوربس ( للعام 2015 ) |
يحوي الوطن العربي ما نسبته 65.7% من الاحتياطي العالمي المؤكد من النفط الخام، وما نسبته 61.9% من احتياطي الغاز الطبيعي في العالم، دول أوروبا الغربيّة تستورد ما نسبته 88% من حاجتها من النفط من الوطن العربي، وتستورد الولايات المتّحدة الأمريكيّة ما نسبته 16% وأما اليابان فتستورد ما نسبته 40%.
بعيدا عن سوء استغلال عامل النفط من قبل الدول العربية، فإن موقع الوطن العربيّ المليء بالنفط جعله يكتسب قوة اقتصادية كبيرة يمكن استغلالها، وهو ما دفع مجلة فوربس إلى وضع العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود من ضمن قائمة أقوى الشخصيات نفوذا وتأثيرا في العالم لعام 2015 فبلاده " المملكة العربيّة السعوديّة " لوحدها تمتلك 23.3% من احتياطي النفط في العالم أجمع.
وفي النهاية، أختم مقالتي معبرا عن فخرى كوني إنسانا عربيا، مؤمنا أن التغيير نحو الأفضل لابد وأن يحصل في يوم من الأيام، وستعود للعرب مكانتهم على خارطة الدول القوية، سجّل أنا عربي . . ♥