الثلاثاء، 20 أغسطس 2019

نظرة على فلم The Exorcism of Emily Rose، ما بين العلاج الدينيّ والطبيّ..

في تدوينتي هذه أكتب عن فلم الرّعب والخيال: طرد الأرواح الشرّيرة من جسد إيميلي روز، وأود قبل البدء أن أنوّه إلى أمرين: هذه التدوينة عبارةٌ عن حرقٍ لأحداث الفلم، لذلك، إن كنت تنوي مشاهدته فإني بالتأكيد أنصحك بأن لا تكمل القراءة، أما الأمر الثّاني: فهو أن هذه التدوينة بها العديد من الجمل والكلمات المرعبة التي تتحدث عن السّحر والشياطين والجنّ، لذلك، إن كنت ترهب هذه الأمور، أعلق النافذة فورًا ولا تقرأ أي كلمةٍ من هذه التدوينة.. 

قصة الفلم

يحكي الفلم قصّة فتاةٍ تُدعى إيميلي روز، كانت شغوفةً جدًّا ومرحةً تحبّ الحياة، ولكنها وبعد أن تركت أهلها لتكمل دراستها، بدأت تتصرّف بغرابةٍ وتفقد القدرة على السيطرة على تصرّفاتها وأفعالها، وكذلك، بدأت تسمعُ أصوات هلوساتٍ وأصوات أخرى تصدر من داخلها وتأمرها بفعل أشياءٍ غريبةٍ.

لجأت إيميلي إلى العلاج الطبيّ ، ولكنّها وجدت بعد مدّةٍ أن حالتها تسوء بدون أي تحسّن، وأصبحت تتكلّم بلغات أجنبيّة في بعض الأحيان، وزادت الهلوسة لديها بشكل كبيرٍ..

بعد ذلك، تترك إيميلي العلاج الطبيّ، وتلجأ إلى العلاج الديني عند أحد الرهبان الذي فسّر حالتها بأن الشياطين قد تمكنت من السيطرة والتغلغل داخل جسدها، ولكن الأوان كان قد فات، فلم ينجح الراهب في إخراج أولئك الشياطين من جسدها، الأمر الذي قضى عليها ودمّر جسدها تمامًا وتسببّ لاحقًا في وفاتها..

قصّة حقيقية

في السّابق، كنت أنظر إلى هذه الأفلام على أنها ضربٌ من التفاهة ومضيعة الوقت، ولكن اليوم تغيرت نظرتي تمامًا وبت اؤمن أن كل ما حصل في هذا الفلم من الممكن أن يتحوّل إلى حقيقة، والعجيبُ، أن هذا الفلم أيضًأ مبنيٌّ على قصّة حقيقيّة لفتاة تدعى أناليس ميشيل، وهي فتاةٌ ألمانيّةٌ ولدت في مقاطعة بافاريا عام 1952م.

فيلم مبني على قصّة واقعيّة، أول عبارة وردت في عرض الفلم..

قصة أناليس

تنويه: ما يذكر هنا هو حسب كتاب "Anneliese Michel A true story of a case of demonic possession" المبني على تسجيلات لأناليس ورواية أفراد عائلتها وبعض الشهود..

 
ولدت أناليس لعائلةٍ كاثوليكيّة وعاشت حياةً طبيعيّة حتى سن السادسة عشرة، حيث ظهرت عليها فجأةً بعض العلامات الغريبة كالارتجاف الشّديد وعدم السيطرة على حركات بعض أجزاء جسمها، ولكنّها كانت في البداية طفيفةً واستمرّت حالتها بالازدياد سوءًا حتى وصلت إلى ذروتها في سن التاسعة عشرة، وذلك بعد أن اضطرت لترك أهلها لتكمل دراستها، بعد ذلك، ذهبت إلى المستشفى لتلقّي العلاج اللازم، حيث شخّص الأطباء حالتها على أنها تعاني من الصّرع، ولكن حالتها استمرّت بالتدهور، وبدأت تهلوس وتشاهد أطيافًا لوجوهٍ غريبة تحدّق بها، وكذلك، بدأت تسمع أصواتًا تخرج من داخلها..

حاولت المسكينة أناليس تفسير حالتها لأحد الأطبّاء، ولكن الطبيب كان دائمًا ما يصف شكواها وما تمرّ به بأنه مجرّد أعراض هلوسة، ومع استمرار ازدياد حالتها سوءًا، قرّرت إيميلي ترك العلاج الطبيّ الذي لم يعد عليها بأي فائدة، واللجوء إلى العلاج الديني.

رفضت الكنيسة في البداية إجراء جلسات علاجيّة لطرد الأرواح الشرّيرة لها، واستمرّت حالتها بالازدياد سوءًا، وأصبحت أكثر عدوانيّةً وصارت تضرب وتشتم عائلتها وتكسر الأشياء من حولها وتصرخ من دون سببٍ لساعات، وأصبحت تأكل الحشرات والعناكب، مفسّرةً ذلك بأن الشياطين التي تسكنها هم من يأمرونها بذلك..

في النّهاية، ومع استمرار رفض الكنيسة، قرّر القس باستون ارنيست إجراء جلسات علاج سريّة دون علم الأسقف للفتاة، واكتشف لاحقًا أن الفتاة مسكونة ب 6 من الشياطين، واستمرّ بتنظيم جلسات العلاج لها مرّتين في الأسبوع، ولكن لم تفلح أيّ من هذه الجلسات في تحسين حالتها، وظلّت حالتها تزدادُ سوءًا..!

لم تستطع أناليس حضور إحدى الجلسات، وذلك لحالتها الصعبة حيث كانت حرارتها مرتفعةً جدًّا، وكانت تعاني من الهزال، وتوفّيت بعد ذلك، وقام القس بإخبار السلطات، وعلى الفور، تم فتح تحقيق في وفاة الفتاة وتم اتّهام هذا القسّ بالقضيّة..

الفلم


يحكي الفلم قصة الفتاة وما عانته بالتفصيل -مع وجود بعض الزيادات الطفيفة لأغراض سينمائيّة- وكذلك، يروي جلسات محاكمة القس الذي يُتّهم بأنه كان سببًا مباشرًا في موت الفتاة حين أقنعها باللجوء إلى العلاج الديني بدلًا من الطبيّ..

التكلم باللغة الأجنبية!

يرد في الكتاب أيضًا أن أناليس كانت تتكلم في بعض الأحيان بلغة غير معروفة، بالنسبة إليّ، كنت قد سمعت عن حالةٍ بالفعل لأحد الأشخاص الذي كان يعالج علاجًا دينيًّا، ويتكلم بطلاقةٍ في بعض الأحيان بلغةٍ أجنبيّةٍ لم يتعلمهّا لا في المدارس ولا المعاهد ولا في أي مكان، الأمر الذي كان يصيبني بذهول تامّ..! في الوقت الذي فُسِّر لي الأمر على أن هناك من يسيطر على الجسد ويتكّلم من خلاله، هناك تفسيرٌ طبيّ لهذه الحالة وهو ما يعرف ب "متلازمة اللكنة الأجنبيّة" ومما تتضمنه أن يتكلم الفرد بلغة غير لغته، حيث تم رصد عدّة حالات، اضغط هنا للقراءة عنها أكثر..

الكنيسة في العصور الوسطى

كانت الكنيسة الأوروبية تقتل العلماء وتجرّم بعضهم، لاعتقادها بأن هناك مسًّا شيطانيًّا قد أصابهم، ومن ضمن الأسباب وراء اعتقادهم هذا هو تكلّم العلماء بكلمات علميّة بحتة غير مفهومة لدى عامّة الناس، أو مخالفة ما ورد في الكتب الإنجيلية.. استمرّ هذا الحال لقرونٍ كثيرةٍ الأمر الذي سبّب نفور الأوروبيين من الكنيسة والدّين، وأصبح عددٌ كبير منهم يتجه إلى الإلحاد، وينادي بفصل الدّين عن الدولة، والذي أصبح الآن واحدًا من أهم شروط ومميزات الدّولة الأوروبيّة .. اضغط هنا للقراءة أكثر..

ما بين العلاج الطبي، والعلاج الديني

كثيرٌ منّا لا يؤمن بوجود الشياطين والجنّ، أو بقدرتهم على إحداث تغيير ماديٍّ في عالمنا، أو بقدرتهم على الاختراق والتغلغل داخل الجسد المفعم بماء السّحر وتدميره، وبالرّغم من أن موضوع العلاج الديني وإخراج الشياطين من الجسد شائكٌ جدًّا وغير قابل للتصديق في بعض الأحيان، بل ويبدو سخيفًأ في أحيانٍ أُخرى، إلا أنه منتشرٌ وهناك عددٌ كبير من الأفراد يلجؤون إليه بشكل يوميّ، وكذلك، عدد منهم يتم علاجه بشكل كاملٍ..

مملكة السحر الأسود

بدأ اهتمامي في دراسة تاريخ السّحر وطقوسه وأدواته منذ حوالي سنة، وقريبًا، سأزور مدينة مراكش المغربيّة التي تعد واحدةً من المدن التي ينتشر فيها العمل بالسحر كثيرًا جدًّا، بل وحتى أن هناك سوقًا مخصّصة علنيّة لبيع أدواته ومستلزماته..! وقد بدأت من الآن بمساعدة أحد الأصدقاء بإعداد قائمة لبعض الأماكن القريبة من مكان إقامتي هناك تمهيدًا لزيارتها واقتحامها، على أمل التعرّف أكثر على تاريخ هذه الممارسات ومدى صحّتها وتأثيرها..










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق