الجمعة، 1 مايو 2020

الصهاينة والشياطين .. والتطبيع

كان يريد السّلام مع «الإسرائيليين»، وقيل أنه التقى بقادتهم سرًا، وحاول إقناع العرب بقبول قرار التقسيم، إلا أن وقع ذلك كله كان قاسيًا ومريرًا على آذان الفلسطينيين، فما كان منهم إلا أن زرعوا الرصاص داخل جسده باغتياله أثناء زيارته للمسجد الأقصى.
الملك الأردني عبد الله الأول. اغتاله الفلسطينييون في 20 يوليو 1951 أثناء زيارته للمسجد الأقصى، للأسباب المذكورة.
لكن اليوم، يلتقي «الممثل الشرعي» للشعب الفلسطيني بالإسرائيليين علنًا، وينادي بحدود دولة على أراضي ما تم احتلاله في ال67 (أصغر من تلك المقترحة في قرار التقسيم)، بل حتى أنه حضر جنازة أحد القادة «الإسرائيليين» الذي كان قد تسبّب في مقتل وتشريد وذبح آلاف الفلسطينيين يومًا ما، وقال على الملأ: «"إسرائيل" وجدت لتبقى». ومع ذلك، فهو لا يلقى إلا التعظيم والتمجيد والتهليل بمشاعر تملؤها الوطنية.

نفس الأفعال، لكن تقييمها تغيّر بمرور الزمن، وأصبحت طبلة آذان الفلسطينيين معتادةً على سماع ما كانت تعتبره في الماضي عبارات خيانةٍ صريحة للقضية والمبادئ..

تغيّر الزمان، وشتّان بين عامي 1951، و2020، بين هاتين السنتين حدثت الكثير من الأمور التي مهدت الطريق لتمجيد من كان يعتبره الفلسطينييون «خائنًا» في الماضي. الكثير من الشهداء، والأسرى، والحروب، والانتفاضات، تبعتها مؤتمرات سلام وهمي، واتفاقيات واهية، ومفاوضات خاسرة، والكثير الكثير من الخنوع والتنازلات في القضية والمبادئ. كل ذلك حصل بالتدريج وبشكل ممنهج من جانب الحركة الصهيونية، تمامًا كما تفعل الشياطين عند تدمير الأفراد..

غضب الفلسطينييون كثيرًا على ما ورد من مشاهد تطبيعية في بعض المسلسلات هذه السنة (2020)، ووصفوا الممثلين بالخونة، وأنا متأكد مئة بالمئة أنه -في حال استمرت الأمور على نفس النحو- بعد سنوات وبمرور الزمن سيصبح الأمر عاديًا جدًا ومتقبلًا (على الأقل عند المعظم) وما ورد في الأعلى خير دليل على ذلك.. وبين النقطتين سيكون هناك الكثير والكثير من الأحداث والتنازلات مرة أخرى..


ملاحظة قبل الختام: ليس كل الفلسطينيين يمجدون الثاني، خصوصًا الأحرار الذين ليست لهم منافع مادية أو سلطوية معه أو مع أجهزته.