الجمعة، 20 سبتمبر 2019

معاوية بن أبي سفيان: المعُمّر والمُدمّر..!

في تدوينتي هذه أتحدث عن أحد قرارات معاوية بن أبي سفيان ونتائجه على الدّولة الإسلامية، واستعرض تاريخ الدّولة الأمويّة بشكل مختصر..

استغرق منّي إعدادُ وكتابة هذه التدّوينة وقتًا طويلاً من القراءةِ والبحثِ ومشاهدة المسلسلات من ضمنها مسلسل الحسن والحُسين..

تنويه: لا تهدفُ هذه التدّوينة إلى إظهار التّاريخ الإسلامي على أنّه تاريخ حروبٍ ونزاعات، إنما الهدف -كما أسلفت في البداية- دراسة تأثيرأحد قرارات معاوية بن أبي سفيان وبعض المقتطفات من تاريخ الدّولة الأمويّة.


البداية، الفتنة الأولى

بعد استشهاد الخليفة الراشديّ الثالث عثمان بن عفّان (رضي الله عنه) غدرًا (وهو ما يعرُف بفتنة مقتل عثمان، أو الفتنةُ الأولى)، غضب معاويةُ بن أبي سفيان غضبًا شديدًا (كان وقتها واليًا على الشّام)، وأراد وغيره من الصّحابة أن يقتصّوا لعثمان (رضي الله عنهُ) بأسرع وقت، ولكن، وبعد أن بايع الصّحابةُ الإمام عليًّا (كرّم الله وجهه ورضي عنه)، المعروف بحكمته وشدّة عدله، وأحد العشرة المبشّرين بالجنّة، وصهر الرسول (صلى الّله عليه وسلّم)، أراد عليٌُ أن يؤجّل موضوع القصاص خوفًا من تغلغل الفتنة واحتدامها في بيت المسلمين، وأراد أن يبتعد عن الانشغال في القتل وإهدار الدماء قدر الإمكان..!
وبسبب تباطؤ الإمام عليّ (كرّم الله وجهه ورضي عنه) في تنفيذ القصاص بحقّ من قتلوا الخليفة عثمان بن عفّان (رضي اللّه عنه)، غضب كبارُ الصّحابةِ منه، منهم معاوية بن أبي سفيان، وطلحة بن عبيد الله، والزّبير بن العوام (ابن عمّة الرسول (صلى الله عليه وسلم)) بل وحتّى زوجة الرسّول عائشة بنت أبي بكر (رضي الله عنهم جميعًا)..

لاحقًا، أدى ذلك إلى نشوب معارك بين الصّحابة أنفسهم، من ضمنها: معركة الجمل الّتي كانت ما بين علي بين أبي طالب وعمّار بن ياسر ومحمد بن أبي بكر من جهة، وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وعائشة بنت أبي بكر من الجهة الاخرى (رضي الله عنهم جميعًا)، استشهد في هذه المعركة ما يزيدُ على خمسين ألفًا من صحابةٍ وتابعين وحفظةٍ للقرآن، ومنهم طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام.

وكذلك، معركة صفّين (37 هـ) التي كانت ما بين الإمام عليّ بن أبي طالب (كرّم الله وجهه) من جهة، ومعاوية بن أبي سفيان الذي رفض أن يبايعه خليفةً للمسلمين من جهة أخرى، وبعد أن استشهد أكثر من 60 ألفًا من المسلمين من الطّرفين، انتهت المعركة بالتّحكيم بين الفريقين..

الخروج على الإمام عليّ وقتله

بعد انتهاء المعركة بالتحكيم، خرجت فرقةً على الإمام عليّ ولم يعجبها هذا القرار، وقرّروا قتله (كرّم الله وجهه)، وعمرو بن العاص (رضي الله عنه)، ومعاوية بن أبي سفيان، وكان ذلك في سنة 40 للهجرة.

ملاحظة: هناك اختلافٍ في موعد ظهورِ الخوارج.

اتفق المتؤامرون على قتلهم في موعد صلاة الفجر، في السابع عشر من رمضان، ونجحوا في قتل الإمام عليّ -كرّم الله وجهه- لاحقًا، لكنهم فشلوا في قتل معاوية وعمرو.

ما بعد الإمام عليّ -كرّم اللهُ وجهه-

بعد استشهاد الإمام عليّ -كرّم الله وجهه-، بايع أهل العراق ابنه الإمام الحسن ليكون خليفةً للمسلمين، في حين بايع أهلُ الشّام معاوية، وبعد المفاوضات والمناوشات، قرّر الإمام الحسن تحقيق نبوءة جدّه الرّسول (صلّى الله عليه وسلّم) والتّنازل عن الخلافة لمعاوية، وقد سميّ ذلك العام بعام الجماعة، وهو العام 41 للهجرة.

المقصودُ بنبوءة الرّسول (صلى الله عليه وسلم)، هو حديثه الصحيح الوارد في صحيح البخاريّ عن سبطه الحسن وهو صغير، حيث قال: "إن ابني هذا لسيّد، ولعل الله يصلح به بين فئتين من المسلمين"، وبذلك يكون الإمام الحسن بتنازله قد حقّق نبوءة جدّه..

ولكنّ الحسن كان قد تنازل بشروط، من ضمنها أن لا يعهد معاوية إلى أحدٍ من بعده عهدًا، بل يكون الأمر من بعده شورى بين المسلمين (أي ليس لمعاويةّ الحقّ في تعيين خليفة للمسلمين من بعده)، وبعض المصادر تذكر أن هذا الشرط ينصّ على أن الإمام الحسن سيأخذ الخلافة في حال وفاة معاوية، أو يأخذها أخوه الحسين في حال وفاته هو أيضًا.

بغضّ النظر أيهما أصح، فقد تختلف المصادر السنيّة والشيعيّة في هذا الشرط خصوصًا، ولكن الثّابت في كل المصادر هو أن معاوية ليس بيده قرار تعيين أحدٍ من بعده وفقًا لشروط الصلح التي اتّفق عليها.

الدولة الأموية: أكثر الدّول الإسلامية قوّةً واتّساعًا على مرّ التاريخ

تُنسب الدّولة الأمويّة إلى أميّة بن عبد شمس، والبداية الفعليّة لها كانت بعد تنازل الحسن -رضي الله عنه- عن الحكم، أي في سنة 41هـ، ومؤسسها هو معاوية بن أبي سفيان. ومنذ نشأتها، اتسّعت الدّولة الإسلامية وبدأت الفتوحات من كل الجهات، حيث وصل المسلمون في أوروبا إلى القسطنطينية، وفي الشمال الإفريقي، بلغ المسلمون المحيط الأطلسي وعبروا إلى الأندلس، وفي المشرق، امتدّ الفتح عبر خراسان ليصل إلى ما وراء النهر وبلاد السّند والهند، وتم بناء أسطول بحريّ كبيرِ لجيش المسلمين الأموي وبدأت الفتوحات البحريّة.

نكث معاوية، وبداية التوريث: القرار الكبير

لقد نكث معاوية بعد وفاته الشّرط الذي ذكرته في الأعلى "لا يعهد معاوية إلى أحدٍ من بعده عهدًا"، وقرّر توريث الخلافة لابنه يزيد الذي تتفق معظم المصادر السنيّة وكل المصادر الشيعيّة على مدى قباحة خلقه ودنائة شخصيّته.

وبذلك، يكون معاوية، أول من استحدث نظام التوريث بدلًا من الشوّرى في تعيين الخليفة في التّاريخ الإسلامي، الأمر الذي ضمن استمرار حكم الأمويين لمدّةٍ تربو عن 90 عامًا.

ما بعد القرار 

أثناء بحثي على الإنترنت عن مصادر مصوّرة تشرحُ تاريخ الدّولة الأمويّة، وجدت قائمة تشغيل رائعة جدًّا من إنتاج "شبكة الفيصل للإنتاج الفنّي" للقراءة أكثر عن الشبكة، هُنا، أو هُنا.

وفيما يلي الأجزاء الخمسة التي تتحدّث عن الدولة الأموية بشكل مختصرٍ وتوّضح ما لها وما عليها:
الجزء الأول:

 
 الجزء الثاني:

 الجزء الثالث (الخليفة عمر بن عبد العزيز ♥):



 الجزء الرابع:


الجزء الخامس والأخير، السقوط:


لاستعراض كلّ فيديوهات قائمة التشغيل هُنا.

قتل الحسين (الحدث العظيم):


بعد أن رفض الإمام الحسين -رضي الله عنه- الخضوع والخنوع ليزيد بن معاوية الأول، وبعد أن قال لا للظلم والفساد، قرر الخروج عليه، لكن يزيد أرسل له جيشًا قوامه حوالي 30 ألف مقاتل حاصروه وأصحابه في صحراء الطفّ الواقعة في مدينة كربلاء العراقيّة، قطعوا عنهم الماء لثلاثة أيام ومن ثم قتلوهم بدم بارد في معركة كربلاء.

للقراءة أكثر عن المعركة.. هُنا.

شكّلت هذه المعركة منعطفًا كبيرًا في الخلاف السنيّ والشيعيّ، ونتج عنها كل ممارسات رد الفعل التي يقوم بها الشيعة اليوم (من اللطم والركض والتطبير وتسييل الدماء .. إلخ)، والشيعة اليوم ينسبون كل ظالم وطاغية إلى يزيد وبني أمية:

 فيديو للشيخ الشيعي نمر باقر النمر المعروف بلسانه السليط قبل سجنه وإعدامه لاحقًا في السعودية

بلا شكّ، يعد قرارُ معاوية بن أبي سفيان ونكثه لشروط الصلح مع الحسن بتوريثه الخلافة لابنه يزيد واحدًا من أسوء القرارات في التاريخ الإسلامي، ونحن اليوم نعيش نتائج هذا القرار واقعًا بالخلاف والفرقة الكبيرين بين السنة والشيعة.

انظر أيضًا:

 









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق