الأحد، 28 أكتوبر 2018

الشّيطانُ يَتَغَلْغَلْ

قبل حوالي عدّة أشهرٍ، وفي ليلة أحد الأيّام، قرّرت أن أشاهد فيلماً، أنا شخصيّاً أحب مشاهدة أفلام الدراما المقتبسة من القصص الحقيقيّة الواقعيّة فقط، أحب جدّاً مشاهدة قصص نجاح متحقّقةٍ أستمد الأمل والإيجابيّة منها، وأكره جدّاً مشاهدة قصص تحوي في طيّاتها إيجابية زائدة وأفلام الخيال العلميّ التي لا أرى فيها سوى أمورٍِ من المستحيل أن تتحقق، ومضيعة الوقت..

في تلك اللّيلة تحديداً، قرّرت أن أشاهد أحد أفلام الرّعب، وبعد عمليّة بحث مطوّلة، وقع اختياري على فيلم الرعب Insidious، تتمحورُ قصّة الفيلم حول أحد الفتية الذي يدخل في حالةِ غيبوبةٍ ليصبحَ وعاءً للأشباح التي تريد أن تسكن جَسَدَه لتعيش مرّة أُخرى..

لم تمضِ سوى عشرُ دقائقَ فقط حتى بدأت بالنّدم على اختياري، ولكنّني، وبالرغم من عدم استمتاعي أبداً طيلة الوقت، واصلتُ متابعة الفيلم، ندمت أثناء مشاهدته، وندمت حتى بعد المشاهدة لأنني ظننتٌ -أو بالأحرى، كنت أظنّ- أنني شاهدت فيلماً سخيفاً بأحداثٍ خيّاليّةٍ لا يمكن أن تحدث أبداً بعالمنا، وكم كنتُ مخطئاً .. !

الأشباح - الشياطين

البداية

خلق الله سبحانه وتعالى آدم وأمر الملائكة بالسّجود له تكريماً وتشريفاً، إلا أن إبليس (بعض الآراء تقول أن إبليس من الجنّ، وكان صالحاً في ذلك الوقت فوصل إلى مرتبة الملائكة لشدّة صلاحه) عصى أمر الله سبحانه وتعالى رافضاً السجود لمن خلقه الله من طين ((ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين، قال ما منعك ألّا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين)).

الطرد من الجنّة

بعد أن رفض الملعون السّجود تكريماً لآدم، قرّر الله سبحانه وتعالى طرده من الرّحمة والجنّة ((قال فاخرج منها فإنك رجيم))، وبقي آدم وزوجته يعيشان بنعيمها، وأمرهمها الله بأن لا يأكلا من شجرة واحدة فقط ((وقلنا يا آدم اسكن أنت زوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين)).

الإصرار

بالرّغم من القرار الإلهي بطرده، أصر إبليس على حقده وحسده لآدم، فدخل إلى الجنّة (هناك عدد من آراء العلماء حول دخول إبليس الجنة مرة ثانية بالرغم من طرده منها، يمكنك قراءتها هنا وهنا)، دخل إلى الجنّة ليوسوس لهما بالأكل من الشجرة التي قال لهما الله بأن لا يأكلا منها ((فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربّكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين)).

وهنا، كانت أول مرة يستجيب فيها الإنسان لوسوسات الملعون، فأكل آدم من الشجرة، واستحقّ الخروج من الجنة لعصيانه أمر الله، لقد أصر إبليس الملعون على حسده لآدم، فوسوس له فأخرجه من الجنة مثل ما خرج هو.

الفرق بين إبليس وآدم

ولكن، على عكس الملعون إبليس الذي استكبر وأصر على ذنبه العظيم بعصيانه الله، شعر آدم وزوجته بالذنب، وطلبا الرحمة والمغفرة من الله ((قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين))، ومنّ الله على آدم وزوجته بأن قبل توبتهم ((فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم)).

النزول إلى الأرض

لم يعد آدم إلى الجنّة، بل أنزله الله إلى الأرض مع إبليس الملعون، إن القرآن يخبرنا بأن الحياةَ على هذه الأرض ما هي إلا تحدٍّ بين إنسان مكرّم بريءٍ، وعدوّه الشيطان الملعون الذي يوسوس للشرّ، للبغض، للكراهية، لمعصية أوامر الله سبحانه وتعالى.

((قال اهبطوا بعضكم لبعض عدوّ ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين)) الله عزّ وجل، هو من أراد لهذا التحدي أن يكون، حتى يُدخل الجنّة من يستحق فقط من بني أدم، المؤمنون الذين يتبّعون أوامر رسله، من لا يتبّعون خطوات الشيطان الرجيم، من لا يعصون أوامره، التوّابون.

الشيطان يتوعّد

((قال أنظرني إلى يوم يبعثون، قال إنك من المنظرين، قال فيما أغويتني لأقعدنّ لهم صراطك المستقيم، ثمّ لآتينّهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين)).
الشيطان الملعون هالكٌ لا محالة في النار، ولكنّه يريد أن يفوز بالتحدّي بأن يسحب معه أكبر عدد من بني آدم ليهلكوا معه..

الرّسل

بعد أن أنزل الله سبحانه وتعالى الإنس والجنّ إلى الأرض (وقد ثبت في آيات القرآن، إن الجنّ بإمكانه رؤية الإنس، أما الإنس، فليس بإمكانهم رؤية الجنّ ،للمزيد، اقرأ تدوينتي هنا)، أرسل اللهُ الرّسل لهداية البشر إلى الصراط المستقيم، ولإبعادهم عن طريق الشيطان الملعون، فمنهم من آمن، ومنهم من استكبر كإبليس وأصر على اتباع خطواته ((ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المتّقين)).

الشيطان نجح في إضلال عدد كبير من بني آدم، والله عز وجلّ يعترف..

((ولقد أضل منكم جبلّاً كثيراً أفلم تكونوا تعقلون))، لقد نجح الشيطان الملعون في إضلال عدد كبير من بني آدم، هذه الآية تحمل في طيّاتها أسلوب استفهامٍ توبيخيٍّ من الله عزّ وجل إلى بني آدم..

وتستمرّ الحكاية بشيطان ملعونٍ يوسوس ويزين المعاصي ((وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون))، وإنسان يستجيب لهذه الوسوسات، ويعصي، ويتوب، وربٌ رحيمٌ يغفر ((قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم))..

السحر، والتواصل المباشر مع الشياطين

السّحر، هو بكل بساطةٍ: عزائم أو رقى تؤثر في الأبدان والقلوب، فيمرض، ويقتل، ويفرق بين المرء وزوجه -طبعاً كله بإذن الله-، والسّاحر، ما هو إلا شيطان من الإنس، يقوم بأفعال ومعاصي دنيئة للتواصل مع شياطين الجنّ، بهدف الإفساد في الأرض..

مقدّمة هذه التدوينة لم تكن سوى مجرّد فقرة ترويجيّة لتدوينتي الثانية في سلسلة "عالم الجنّ"، فيها سأوضح بالتفصيل، وكذلك سأذكر أكثر طائفة تمارس السحر في فلسطين، سأنشرها قريباً..

هناك تعليق واحد: