الخميس، 5 مارس 2020

هل من الممكن أن تصبح أجسادُنا بيوتًا ومساكنَ للشياطين؟

".. كانت صاحبتها تحسُدها لما وصلت له من نجاح، فقرّرت تدميرها بالسّحر. أرسل الكاهن جنيًّا لتدميرها، لكنّه أحبّها كثيرًا، كثيرًا جدًّا، واستوطن جسدها، ولم يتقبّل أبدًا فكرة وقوعها في حبّ كائنٍ بشريّ آخر. لكنّها أصرّت، فقرّر قَتلها وتدمير حياتها وحياة أهلها ومن تُحب" هذه كانت كلماتَ أحد المتعاملين مع العالم الآخرِ: عالم الجنّ والشياطين، عندما فسّر لي قضيّة مقتلِ شابّةٍ شغلت الإعلام مُنذ فترة وتحوّلت لقضيّة رأيٍ عام.

الكثيرُ منّا لا يؤمنون بإمكانية التعاملِ مع ذلك العالم، وهناك من لا يؤمنون بوجودهِ أصلًا. هذا بالتأكيد أمرٌ طبيعيّ جدًّا، وكنت قد وضّحت في عددٍ من التدوينات من قبل أنني كنت أنتمي لهذه الفئة أيضًا.

كذلك الأمر، الكثير ممن يصدقّون بوجوده، لا يؤمنون بقدرة تلك المخلوقات على الاختراق والتغلغل داخل الجسد والتحكم الكامل به وتدميره بشكلٍ مُمنهج، ربّما يرجع السبب في ذلك إلى عدم وجود نصّ صريحٍ لا في القرآن ولا في السنّة حول الأمر (للمُسلمين). والتطوّر الطبيّ الكبير خصوصًا الطبّ النفسي والعقليّ الذي أصبح يضعُ تشخيصًا وتفسيرًا لمعظم الحالات.

كنتُ -ومثلي الكثيرون- انتظرُ بلهفةٍ كتابَ البروفسور ريتشارد جالاجر بعنوان «Demonic Foes: My Twenty-Five Years as a Psychiatrist Investigating Possessions, Diabolic Attacks, and the Paranormal» الذي كان من المقرّر أن يصدر في شهر مايو القادم. لكنّ وللأسف، تأجل نشره إلى أكتوبر -حسب موقع أمازون-. (اضغط هُنا.)

لماذا؟

بكلّ بساطة، لأنه الكتاب الأول من تأليف متخصّص في الطب النفسيّ والأمراض السلوكيّة، الذي سيشرحُ فيه قصّة تحولّه من منكرٍ بشدّة إلى مؤمنٍ بقوّة بإمكانيّة سيطرة الشياطين بشكل كاملٍ على الجسد.

مثل كل الأطبَاء -بل وكلّ الناس حتى-، لم يؤمن جالاجر أبدًا بموضوع تلبسّ الشياطين، ولكنّه، وبعد أن حضر عدّة جلساتٍ ضمن هذا الموضوع، أصبح من المؤمنين بشدّة به، وأصبح بكلّ جرأة يُشخصّ بعض المرضى بذلك ويرسلهم إلى الكنيسة للعلاج الدينيّ عبر إجراء جلسات لاستخراج الشياطين من أجسادهم بدلًا من العلاج الطبيّ..

يؤمن البروفسر جالاجر بأن الأمراض النفسيّة والسلوكيّة قد تكون لأحد سببين: الأول هو مشاكل طبيّة طبيعيّة، والثاني هو أن تكون بسبب سيطرة الشياطين على الجسد والتحكّم به "التلبّس"، ولخبرته في هذه الأمور، أصبح قادرًا على تمييز حالة المريض، وهو ما سيشرح حيثيّاته في كتابه المُنتظر.

وكما ذكرت، لم يؤمن البروفسور بهذه الأمور إلا عندما حضر جلسات الاستخراج وشاهد تصرّفات المتلبّس واستمع إلى أقواله وعباراته، لقد ساهم ذلك في تغيير قناعاته وآرائه حول الموضوع بشكل كبير، تمامًا كما حصل معي، فكما ذكرتُ، أنا لم اؤمن يومًا بهذه الأمور، ولكن وبعد أن حضرت عدّة جلساتٍ وشاهدتُ عدّة حالاتٍ في مراكز العلاج الدينيّ، وبعد زيارتي لسوق الرحبة القديمة المتخصص بمواد السحر في مراكش العتيقة، أصبحت من المؤمنين بشدّة به وبخطره.

اقرأ أكثر، هُنا.

   نظرة على فلم «The Exorcist»

 أنهيت قبل أيام مشاهدة هذا الفلم، الذي يتحدّث عن شيطانٍ يسكن داخل فتاة بعمر 12 عامًا. حاولت أمها جاهدةً علاجها عند أمهر الأطباء وأفضل المستشفيات لكن، وبالرّغم من مشاكلها السلوكيّة. كان كل نتائج فحوصاتها وصورها الدماغيّة سليمة.


الفلم ليسَ قصّة خياليّة -بالرّغم من وجود الكثير من الأحداث المُبالغ بها- بل هو مبنيٌّ على قصّة مستوحاةٍ من حادثة حقيقيّةٍ لفتىً بعمر 14 عامًا اسمه رونالد دو. (اضغط هُنا.)

خلال الفلم: تلاحظ الأم اختلافًا كليًّا في ابنتها، وكأن هناك شخصًا آخر يقطن داخلها. كما أنها تتحدث بلغات لم يسبق لها أن تعلمّتها، وتعرف أسرار أناسٍ لم يسبق لها أن قابلتهم، كنت قد شاهدت كلّ هذه الأمور، وتحدّث عنها أيضًا البروفسور في مقابلاته.



 نظرة على فلم «The Exorcism of Emily Rose»

كنت قد كتبت تدوينةً كاملةً حول هذا الفلم المبني على قصة حقيقية لفتاةٍ تُدعى إيميلي روز، كانت شغوفةً جدًّا ومرحةً تحبّ الحياة، ولكنها وبعد أن تركت أهلها لتكمل دراستها، بدأت تتصرّف بغرابةٍ وتفقد القدرة على السيطرة على تصرّفاتها وأفعالها، وكذلك، بدأت تسمعُ أصوات هلوساتٍ وأصوات أخرى تصدر من داخلها وتأمرها بفعل أشياءٍ غريبةٍ.

لجأت إيميلي إلى العلاج الطبيّ ، ولكنّها وجدت بعد مدّةٍ أن حالتها تسوء بدون أي تحسّن، وأصبحت تتكلّم بلغات أجنبيّة في بعض الأحيان، وزادت الهلوسة لديها بشكل كبيرٍ..
 
بعد ذلك، تركت إيميلي العلاج الطبيّ، ولجأت إلى العلاج الديني عند أحد الرهبان الذي فسّر حالتها بأن الشياطين قد تمكنت من السيطرة والتغلغل داخل جسدها، ولكن الأوان كان قد فات، فلم ينجح الراهب في إخراج أولئك الشياطين من جسدها، الأمر الذي قضى عليها ودمّر جسدها تمامًا وتسببّ لاحقًا في وفاتها..

في النهاية، بالرّغم من أن لديّ الكثير من الملاحظات والتعقيبات استنادًا إلى مشاهداتي. إلا أنني لا أفضل كتابتها أو مشاركتها، ولا أحبذ أن يفعل ذلك أي شخصٍ من عامّة الناس أو من رجال الدّين أو من غير أهل اختصاص الطبّ السلوكي والعقليّ.
 
الشياطين في كلّ مكان 
كمسلمٍ، أنا اؤمن بوجود الشّياطين، واؤمن بشدّة أن الدنيا ليست إلا دار اختبار ليعلم الله عزّ وجلّ من سيتغلّب منّا على شياطينه، ومن سيرضخ لها. 
 تتغلغلُ الشياطين من حولنا، وهدفها الوحيد هو التدمير الممنهج لديننا ودُنيانا، انتقامًا منّا نحن -نسل آدم- الذين كنّا سببًا في إخراجهم من الجنّة بعد رفضهم السّجود لنا وتكبّرهم.  

«ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ»
«وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا ۖ أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ»


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق